ولد الشيخ الرئيس ابن سينا أبو علي الحسين بن عبد الله بن حسن بن علي بن سينا في شهر صفر الخير سنة 370 هجرية في بلدة (افشنة ) من منطقة بخارى قرب (خرميثين) من أبوين إسماعيليين أبوه عبد الله من كبار دعاة الإسماعيلية وأمه سارة من عائلة عريقة .
وكان في العاشرة من عمره يثير إعجاب الناس من حوله بحفظه القرآن والأدب العربي ،وكان أبوه وأخوه يتذاكرون بعض الشيء من علم النفس والعقل وكان يستمع إليهم ولا تعجبه بعض أقوالهم فيه ثم إنهم لما أدركوا ذلك منه اخذوا يدعونه إلى مجالسهم في ذكر الفلسفة والهندسة والحساب.
ثم جاء إلى بخارى أبو علي الناتلي وأشتغل بتعليم ابن سينا وبدأ بقراءة كتاب ايساغوجي وفيه مما ذكره ابن سينا في ترجمة حياته انه لما ذكر الناتلي حد الجنس من انه المقول على كثيرين مختلفين بالنوع في جواب ما هو أخذت في تحقيقه بما لم يسمع بمثله ثم قرأ بعد ذلك على يد الناتلي كتاب اقليدس ثم انتقل إلى المجسطي وفي كلا الكتابين أوكل الأستاذ إلى التلميذ مهمة حل التمارين وأجاد التلميذ ابن سينا حل التمارين بما صعب بعضها على الأستاذ حلها بل لم يفهمها الأستاذ إلا بعد توضيح من تلميذه ابن سينا.
وبعد هذا فارقه أستاذه إلى كركانج واشتغل ابن سينا بتحصيل كتب أخرى كالفصوص والشروح من الطبيعيات والإلهيات ثم اشتغل بتعلم علم الطب وذكر أن علم الطب كان من السهولة بحيث تمكنت أن ابرز فيه بمدة اقل وكان يومئذ من أبناء السادسة عشرة من عمره ، ثم بعد ذلك اشتغل بالعلم الإلهي بعد أن أعاد النظر بما قرءه من كتب المنطق والفلسفة فقرأ كتاب ما بعد الطبيعة لأرسطو ولم يفهم منه شيئا والتبس عليه غرضه حتى أعاد قراءته أربعين مرة بحيث صارت كلماته محفوظة عنده إلا انه لم يفهم منه شيئا وآيس من فهمه إلا بعد أن اشترى اتفاقا من غير قصد كتاب في ما بعد الطبيعة بقصد إعانة صاحب الكتاب إذ كان محتاج لثمنه وإذا به كتاب أبو نصر الفارابي في بيان أغراض كتاب ما بعد الطبيعة ومنه انفتحت آفاق الفهم لكتاب أرسطو {إلفات نظر: لعل الله فتح عليه بما فتح ابن سينا على ذلك المحتاج لثمن الكتاب فعلمه ما لم يعلمه بسنين –من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له -}.
ثم شاءت الأيام أن يكون في بلاط سلطان دهره نوح ابن منصور حيث استدعاه لما تمرض وحار الأطباء في علاجه واستأذنه ابن سينا أن يدخل دار كتبه فأذن له وظفر عندها بكتب أسماءها ما لم يظفر بها احد من قبله فقرأها جميعا ولما كان الثمانية عشر من عمره فرغ من تلك العلوم وبحد تعبيره كنت إذ ذاك للعلم احفظ ولكنه اليوم ـ أي في كبره - معي انضج وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شيء بعد.
ثم انه في هذه الفترة مات والده وتقلد شيئا من أعمال السلطان آنذاك ثم بعدها سافر الى كركانج حيث كان أبو الحسين السهلي المحب لعلوم المعقول وزيرا فيها فرتب له ما يليق بشأنه ،ثم انتقل بعد ذلك إلى نسأ ومنها إلى باورد ومنها إلى طوس ومنها إلى جاجرم رأس حد خراسان ومنها الى جرجان وكان قصده الامير قابوس ثم مضى إلى دهستان ومرض بها مرضا صعبا وعاد إلى جرجان.
ثم اتفقت الأسباب ان سافر إلى قزوين ومنها إلى همذان وهنا بدأ بتأليف كتابه العظيم الشفاء على التماس من تلميذه ابي عبيد فابتدأ بالطبيعيات من كتاب الشفاء وكان عندها يتولى تدريس طلبته في الليل لعدم التفرغ نهارا ومن تلاميذه كان أبو عبيد الجوزجاني والمعصومي وابن زيلة وبهمنيار.
وفي هذا الحين توفى شمس الدولة بسبب القولنج وبويع ابنه بعده علاء الدولة وطلبوا من ابن سينا تولي الوزارة لكنه رفض وبعدها بمدة بعد أن استولى مسعود الغزنوي وأبو سهل الحمدوني على أصفهان وإبعاد علاء الدولة أصيب ابن سينا بداء القولنج وساءت حالته ثم حضر مجلس علاء الدولة وهو لم يشفى بعد وقصد علاء الدولة ومعه ابن سينا همذان فعاود ابن سينا القولنج في الطريق إلى أن وصل إلى همذان وعلم عندها أن قوته قد سقطت وأنها لا تفي بدفع المر ض فأهمل الدواء واخذ يقول المدبر الذي كان يدبر بدني قد عجز عن التدبير ،وبقي على هذا أياما إلى أن وافته المنية في سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة .
(انظر في ذلك كتاب الدكتور جعفر آل ياسين "فيلسوفٌ عالم" مع التصرف بالزيادة والنقصان) .
وأما أساتذته فعلى الرغم من ضنة ابن سينا في ذكر الأسماء بالاصحار أو بالإيماء فأننا نجده في إملاء سيرته يشير إلى ذكر بعض أساتذته على ما قدمناه ولعل أول معلميه بقال كان يبيع البقل ويسكن بالقرب من دارهم تعلم على يديه حساب الهند إلا أن ابن سينا لم يذكر اسم ذلك البقال ،وثاني أساتذته في الفلسفة هو أبو عبد الله الناتلي وأطلق عليه ابن سينا في ترجمة حياته المتفلسف ،وقبل الناتلي كان قد درس الفقه على يد أبي محمد إسماعيل الملقب بالزاهد ممن عرف بالانقطاع إلى الله تعالى شأنه.
وأما مؤلفاته فخير محصي لها حتى الآن هو كتاب الدكتور يحيى مهدوي في طهران سنة 1945 فنحيل القارئ الذي يطلب البحث المستقصى في هذا المجال الى هذا الكتاب ونجتؤيء ها هنا بنقل بعض كتبه مما كتبه باللغة العربية ناهيك عما كتبه باللغة الفارسية : 1-الشفاء : وكتبه في أربعة أقسام المنطق والرياضي والطبيعي والإلهيات وعد كتابه الشفاء من الكتب التفصيلية التي حاول من خلاله المصنف بيان اقصى المطالب علوم الطبيعة وما وراء الطبيعة والرياضيات ورد كلمات المستشكلين ،وألفه أثناء إقامته في همذان .
ومن الملحوظ على كتاب المنطق من الشفاء انه لم يكن قيه شيء من التجديد على ما قاله ارسطو وشراحه وهو نفسه يعترف بذلك اذ يقول انه يحاذي نص ارسطو في كتبه المنطقية ونراه فعلا يقتبس النص من أرسطو وأحيانا يدمجه في داخل كلامه وفي الغالب يعرض المسائل الواردة في كتب أرسطو المنطقية دون تقيد بنص ويورد الأمثلة أما عن كتب أرسطو وأما بالاستعارة من علم الطب وكذلك الكلام في منطق المشرقيين ، نعم لا يخفى أن له الفضل في إضافة الاقيسة المؤلفة من الشرطيات كما لا ننسى أن له فضل آخر من جهة حسن استيعابه لمطالب أرسطو و شراحه وحسن عرضه التفصيلي.
2- النجاة ويعد مختصر الشفاء وفيه ثلاث أنواع من الفلسفة (المنطق والطبيعيات والإلهيات) 3- كتاب الإشارات والتنبيهات . 4- كتاب الأنصاف .5- كتاب علم النبات . 6- كتاب في الموسيقى . 7- كتاب المجسكي . 8- كتاب علم الأخلاق . 9- كتاب القانون في الطب كتب الجزء الأول منه في همذان وأتم باقيه في اصفهان . 10- كتاب منطق المشرقيين. 11- الحكمة العروضية .12- الحاصل والمحصول . 13- البر والإثم . 14- المختصر الأوسط . 15- المبدأ والمعاد . 16- الأرصاد الكلية . 17- الهداية . 18- القولنج. 19 –عيون الحكمة.
وأما رسائله فلابن سينا رسائل عديدة تبحث في مختلف أنواع الحكمة منها :
1- الطبيعيات فيما يتعلق بالأجسام خاصة.
2- في الأجرام العلوية .
3-القوى الإنسانية وإدراكها فيما يتعلق بالحواس والعقل .
4- الحدود أي التعريفات لبعض الألفاظ الواردة في الفلسفة .
5- تقسيم الحكمة وفروعها .6- إثبات النبوة .
7- معاني الحروف الهجائية وهي رسالة رمزية في موضوعها.
8- في العهد وهي رسالة في تهذيب النفس .
9- في علم الأخلاق .10- رسالة حي ابن يقضان .
11- رسالة الطير.
12-رسالة العشق.
13-رسالة القدر.
إعداد الشيخ محمد العلي
منقول