وضعفت الدولة العباسية وفكر الإمبراطور البيزنطي بالقضاء على الدولة العباسية ، وفي هذا
الوقت كان السلاجقة الأتراك قد وصلوا إلى غربي الدولة ، ودخل زعيمهم طغرل بك بغداد
، وأصبح السيد المطاع فيها ، وبدأ صراعه مع الروم ، فاتجه إلى ديار بكر ، وقاتل البيزنطيين
وانتصر عليهم ، وعقد معهم هدنة ، واشترط فيها بناء مسجد القسطنطينية ، فأقيم المسجد
وأقيمت فيه الصلاة والجمعة ، وخطب لطغرل بك فيه .وتوفي طغرل بك فخلفه ابن أخيه
سليمان بن داود ، غير أن أخاه ألب أرسلان قد ثار عليه وتسلم الأمر ، ودخل مع الروم في
الحرب وانتصر عليهم انتصاراً حاسماً في معركة ملاذكرت عام ٤٦٣ ( اقرأ تفاصيل المعركة في
قسم منعطفات ، إن شئت ) . وانساح السلاجقة بعد تلك المعركة في الأناضول حتى
الجهات الغربية فملؤوها ، وأسسوا أمارات فيها ، ثم قتل ألب أرسلان عام 465 على يد
كمين نصب له وهو في طريقه إلى الصين .
وتمكن هؤلاء السلاجقة الذين انتشروا في الأناضول أن يقدموا خدمات للمسلمين في أول
أمرهم إذا استردوا من الروم بعض الأجزاء التي سبق لهم أن أخذوها من المسلمين ومنها
أنطاكية ومنبج ، وتأسست أمارات سلجوقية في الأناضول وأرمينيا ومن أبرزها التي أسسها
سليمان بن قطلمش بن أرسلان بن سلجوق والتي كان مقرها قونية والتي أطلق عليها
سلاجقة الروم ، ثم أعقبها قيام إمارات أخرى .
وفي الوقت نفسه قامت دويلات أرمنية في أرمينيا ، وأسس الأرمن الذين فروا من وجه
[size=21][size=21]
السلاجقة واتجهوا إلى الغرب دويلة في كيليكيا مقرها أضنة ، وبقيت قائمة حتى اارت على
يد المغول ، وزاد توسع السلاجقة وانتشارهم في الأناضول في أيام ملكشاه بن ألب أرسلان .
وجاء الصليبيون عام ٤٨٩ بدافع صليبي وحقد ، وإن كانوا قد احتجوا بأن السلاجقة
يسيئون معاملة النصارى وهم في طريقهم إلى القدس ، واستطاع هؤلاء الصليبيون أن يجتازوا
الأناضول التي يعمرها السلاجقة ، وأن يفصلوا المناطق الغربية عن المناطق الداخلية ، وفي
الوقت نفسه فقد أسسوا إمارة صليبية في الرها ، ودعمهم الأرمن الذين كانت لهم دويلة في
كيليكيا ، واضطر الأمير السلجوقي قليج أرسلان صاحب نيقية أن ينقل مقر أمارته من
نيقية إلى قونية ، ثم اختلف الإمبراطور البيزنطي مع الصليبيين فتركهم وشأم ، واتجه
لاسترداد بعض أملاك السلاجقة فدخل أزمير وأفسوس لانقطاع هذه المناطق عن بقية
السلاجقة في الداخل بالصليبيين .
وقامت الحروب الصليبية في بلاد الشام ووقف آل زنكي في وجههم ، وتوفي نور الدين محمود
، وقام صلاح الدين الأيوبي بالجهاد ، وانتصر على الصليبيين ودخل القدس ، وبموته انفرط
عقد الدولة الأيوبية وتفرقت كلمة أمرائها ، واستقل كل من أولاده في جزء منها ، ولم تكن
هناك دولة أيوبية واحدة ، ولم تجد تدخلات الخليفة العباسي للصلح بينهم .
وفي هذه الأثناء بدأ الهجوم المغولي من الشرق ، فخاف بعض الحكام فانضموا إليه ، وحدث
اجتماع لهؤلاء الذين تحالفوا مع المغول عام ٦٣٤ ، وتقدم المغول نحو الغرب ، ووقعت بلاد
سلاجقة الروم عام ٦٤١ ه تحت سيطرة المغول ، واستسلم أمراؤها لهم ، وصاروا معهم حرباً
على المسلمين ، وفتحوا بلادهم لهم ، وهادن أمير الموصل هولاكو ، ويعد الأراتقة في ماردين
عمالاً للمغول ، وساهم ملك الأرمن في احتلال بغداد ، ومشى مع المغول نحو القدس
ليملكها ، ولم يتعرض المغول فعلاً للنصارى بل كانت بيوم آمنة في بغداد ودمشق .
ثم هزم المغول في عين جالوت عام ٦٥٨ ، وخرجوا من بلاد الشام ، فسار الظاهر بيبرس
[size=21][size=21]
عام ٦٧٥ إلى بلاد سلاجقة الروم لينتقم منهم ، والتقى م وبحلفائهم المغول والكرج في
معركة البستان شمال مرعش ، وانتصر عليهم انتصاراً مبيناً ، ثم سار حتى فتح عاصمتهم
قيصرية ، وقد أحسن إلى أهلها ، وأعطاهم الأمان ، وخطب له في مساجدها .
ومع ضعف المغول زالت دولة سلاجقة الروم ، وقامت عدة إمارات في الأناضول التي كانت
متنافسة مع بعضها البعض ، وتنتقل المدن من يد إمارة إلى أخرى أو المناطق ثم تعود للإمارة
الأولى عندما تتقوى أو تجد لها دعماً ، حتى قضت الدولة العثمانية عليها جميعاً في أوقات
متفاوتة .
3 )قيام الدولة العثمانية ) :
ينتسب العثمانيون إلى قبيلة قاتي التركمانية والتي كانت عند بداية القرن السابع الهجري
الموافق الثالث عشر الميلادي تعيش في كردستان ، وتزاول حرفة الرعي .
ونتيجة للغزو المغولي بقيادة جنكيزخان تحركت نحو الغرب قاصدة دولة خوارزم بالدرجة
الأولى .
ثم توجهت بعد ذلك نحو العراق ومناطق شرق آسيا الصغرى ، وكان يرأسهم ( سليمان شاه
بن قيا ألب ) جد عثمان ، الذي قرر الهجرة في عام ٦١٧ ه الموافق ١٢٢٠ م مع قبيلته
وفيها ألف فارس من كردستان إلى بلاد الأناضول فاستقر في مدينة أخلاط – تقع في شرق
تركيا الحالية . –
ولما هدأت موجة المد المغولي رغب في الرجوع إلى موطنه الأول ، وتابع إلى ديار بكر ، واتجه
نحو الرقة ، وأراد عبور ر الفرات فهوى فيه وغرق عام 628 ه ، فدفن هناك قرب قلعة
[size=21][size=21]
جعبر .
واختلف أبناؤه الأربعة في الطريق التي يجب أن يسلكوها ، أما ابنه الأكبر (سنقورتكن ) فقد
حقق رغبة أبيه ورجع مع أخيه ) كون طغري ) إلى موطنهم الأول ، وكان ( سنقورتكن )
هو الذي تولى إمرة القبيلة وزعامتها بعد موت أبيه ، وأما أخواه الآخران وهما ( أرطغرل ) و (
دندان ) فقد عادا أدراجهما ، وكان ( أرطغرل ) الأوسط وزعيم اموعة المتبقية من القبيلة ،
والذي واصل تحركه نحو الشمال الغربي من الأناضول ، وكان معه حوالي مائة أسرة وأكثر من
أربعمائة فارس .
وأرسل أرطغرل ابنه ( ساوجي ) ليطلب من الأمير علاء الدين السلجوقي أمير إمارة قرمان
أرضاً تعيش فيها القبيلة كي لا تقع في نزاعات ، غير أن ساوجي لم يعد إلى أبيه إذ توفي
الطريق .
وفي هذه الأثناء إذ بأرطغرل يسمع عن بعد جلبة وضوضاء ، فلما دنا منها وجد قتالاً حامياً
بين مسلمين ونصارى ، وكانت كفة الغلبة للجيش البيزنطي ، فما كان من أرطغرل إلا أن
تقدم بكل حماس وثبات لنجدة إخوانه في الدين والعقيدة ، فكان ذلك التقدم سبباً في نصر
المسلمين على النصارى .
وبعد انتهاء المعركة قدر قائد الجيش الإسلامي السلجوقي الأمير علاء الدين السلجوقي هذا
الموقف لأرطغرل ومجموعته ، فأقطعهم أرضاً في الحدود الغربية للأناضول بجوار الثغور في الروم
، وأتاحوا لهم بذلك فرصة توسيعها على حساب الروم ، وكانت مساحة هذه الأرض
٢٠٠٠ كيلومتر مربع استطاع أرطغرل أثناء جهاده ضد البيزنطيين توسيعها إلى ٤٨٠٠ كيلو
متر مربع .
وحقق السلاجقة بذلك حليفاً قوياً ومشاركاً في الجهاد ضد الروم ، وقد قامت بين هذه
[size=21][size=21]
الدولة الناشئة وبين سلاجقة الروم علاقة حميمة نتيجة وجود عدو مشترك لهم في العقيدة
والدين ، وقد استمرت هذه العلاقة طيلة حياة أرطغرل ، حتى إذا توفي سنة ٦٨٧ ه خلفه
من بعده في الحكم ابنه عثمان الذي سار على سياسة أبيه السابقة في أراضي الروم ، والذي
إليه تنسب الدولة العثمانية فهو مؤسسها وأول حكامها .
وليس صحيحاً ما يقال من أن عثمان هو أول من أسلم من تلك القبيلة ، فإن القبيلة كانت
مسلمة بالأصل قبل أن ترحل من مكاا الأول مع جده ، إذ معروف أن هذه القبيلة
تركمانية ، وكلمة تركمان تطلق على الترك الذين يعتنقون الإسلام ، واسم زعيمها سليمان
دليل على ذلك .
٥٩ ، والدولة العثمانية لعلي الصلابي ، ص ٥١ ، وتاريخ / التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر ٨
الدولة العثمانية ، ص ١١
4)عثمان بن أرطغرل ) :
لقد تعاقب على إمارة السلطنة العثمانية قبل أن تعلن نفسها خلافة إسلامية سلاطين أقوياء
، ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو مؤسس الدولة وبانيها ، فماذا صنع عثمان :
لقد بدأ عثمان يوسع إمارته فتمكن أن يضم إليه عام ٦٨٨ قلعة قره حصا (القلعة السوداء)
أو أفيون قره حصار ، فسر الملك علاء الدين ذا كثيراً. فمنحه لقب (بيك). والأراضي
التي يضمها إليه كافة ، وسمح له بضرب العملة ، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة .
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]